كتب جوزف فرح في “الديار”:
يتم التداول في الاوساط المصرفية باقتراح لم يتم تبنيه من اي طرف معني يدعو للاستفادة من مداخيل الغاز المستقبلية والتي تقدر باكثر من 300 الى 1000مليار دولار يمكن ان تسد الفجوة المالية المقدرة بنحو 60 مليار دولار في محاولة لاسترجاع المودعين لاموالهم وإن الإقتراح المقدّم يُعتبر حلاً عادلاً وعملياّ ولا يشكّل عبئاً إضافياً على مالية الدولة. وعلى القدرِ نفسه من الأهمية، يمكن إقراره في الحكومة وفي مجلس النواب بسهولة وسرعة لأنه في المقام الأول يحمي ويُرجع أموال المودعين، كما أنه يوقف التوجّه نحو إفلاس المصارف وبذلك يساهم في استعادة دورها الأساسي في الإقتصاد بفعالية وحيوية. ولا نبالغ القول بأن الحاجة ماسّة لإقرار هذا الحلّ، وربما الأهمّ من ذلك للبدء بتنقيب واستخراج النفط.
ويؤكد اصحاب الاقتراح ان هذا الاقتراح قد تم تسويقه عند الحكومة الحالية ولدى صندوق النقد الدولي بعد استبعاد الاستعانة بصندوق استثمار اصول الدولة نذرا لعدم تمتعه بالاجماع في لبنان كما ان جمعية المصارف لم تبحثه لغاية الان حتى جمعية المودعين لم تتطرق اليه والسؤال الذي يطرح نفسه هل نشتري سمكا في البحر فيجيب من يعنيهم الامر ان كل الدراسات تؤكد وجود كميات كبيرة من الغاز تقدر بنحو 25 الى 95 ترليون قدم مكعب وهي كمية كافية لسد الفجوة المالية حيث بامكان المودع تسييل حصته مع حسم منطقي ويؤكد اصحاب الاقتراح ان صندوق النقد طلب ان تقدم الحكومة اللبنانية هذا الاقتراح لكي يبنى على الشىء مقتضاه وهذا الاقتراح يتم بمنح كل مودع حصة بنسبة مئوية تتناسب مع حجم وديعته بجيث يمكن استعادة وديعته وتحقيق الارباح ايضا.
وتقول مصادر مصرفية متابعة إن الفجوة المالية لمصرف لبنان المقدّرة بحوالي الـ 60 مليار دولار هي مسؤولية الدولة اللبنانية، كما هو معلوم ومتّبع من تجارب معظم الدول في العالم وعلى القدر نفسه من الأهمية، لدى الدولة اللبنانية إيرادات مهمّة من مداخيل النفط والغاز المستقبلية التي يمكن أن تردم الفجوة المالية لدى مصرف لبنان. وتمثّل هذه الوسيلة أداة منصفة وعادلة لإسترجاع المودعين لأموالهم ولضمان فعالية القطاع المصرفي في المستقبل.
الأسباب
إن الفجوة المالية لمصرف لبنان تتمثّل في الحقيقة بودائع المودعين التي أودعتها المصارف بدورها في مصرف لبنان، والتي جاءت في الأغلب نتيجة الإجراءات التنظيمية التي فرضها مصرف لبنان على المصارف. وقد استعملت هذه الفجوة، (التي قدّرتها الورقة الإصلاحية للحكومة بـ 60 مليار دولار) في نفقات توزّعت بشكلٍ تقريبي على التالي: 20 مليار دولار على حماية سعر الصرف الثابت، 20 مليار دولار على قروض للدولة، و 20 مليار دولار على الواردات من السلع والخدمات الأساسية. أي يمكننا القول أن الفجوة المالية قد نجمت عن نفقات لدعم الإقتصاد اللبناني، وبالتالي فإن تحمّلها يقع على عاتق الدولة اللبنانية. وهذا يعني أن المصارف والمودعين غير ملزمين من الناحية المعنوية والقانونية ومن منطق العدالة والإنصاف على تحمّل خسائر الفجوة المالية. بالطبع، على المصارف أن تتحمّل الخسائر التي نجمت عن توظيفاتها في القروض للقطاع الخاص وفي السندات السيادية للدولة وعن تدنّي سعر الصرف حيث أن معظم أموالها الخاصة هي بالليرة اللبنانية، والتي قد تؤدّي إلى فقدانها معظم أو كلّ رأسمالها، الأمر الذي يستوجب على مساهميها إعادة بناء رأسمالها أو تصفية أعمالها ومغادرة السوق المصرفي. وهذا يعني أيضاً أن المصارف لا يجب أن تتحمّل خسائر مصرف لبنان لأنها خسائر لم ترتكبها.
المعالجة
ممّا يعزّز هذا الموقف أن لدى الدولة اللبنانية موارد حالية ومستقبلية يمكن أن تُستغل لإغلاق الفجوة المالية لدى مصرف لبنان. ومن أهم هذه الموارد وأكبرها حجماً هي الإيرادات المستقبلية من إحتياطات النفط والغاز الواقعة على الشواطىء اللبنانية ، والتي إن إستعمل جزء منها تلغي الحاجة لشطب ودائع المودعين (خصوصاً الكبار منهم كمؤسسات الضمان والنقابات) أو نقل قيمة ودائعهم إلى أسهم لإعادة رسملة المصارف تغطيةً للخسائر.
وتُشيرالمسوحات الزلزالية المزدوجة والثلاثية الأبعاد(2-D and 3-D Seismic (Surveys التي قامت بها ثلاث شركات متخصصة من ضمنها شركة Spectrum النروجية بإيعاز من الدولة اللبنانية في العقدين الماضيين، بأن إحتياطي الغاز يتراوح بين 25 trillion cubic feet و96 trillion cubic feet كما يصل إحتياطي النفط إلى 865 million barrel (2). إضافةً ، بحسب السعر الحالي لبرميل النفط الذي يبلغ حوالي الـ $ 110، فإن الإيرادات المتوقّعة من النفط المستخرج قد تصل إلى $95 billion. كذلك الأمر بالنسبة لإيرادات الغاز التي قد تتراوح بين $250 billion و $950 billion حسب السعر الحالي الذي يعادل حوالي الـ $10 لـ 1 thousand cubic feet. تشير إذاً التقديرات الأولية إلى أن الحدّ الأدنى للإيرادات يبلغ ما يُقارب الـ $345 billion.
ممّا لا شك فيه أن الإيرادات المستقبلية من قطاع الطاقة توفّر موارد مُتاحة لسدّ الفجوة المالية لمصرف لبنان ولإرجاع أموال المودعين. وعلى هذا الأساس، من الآليات المناسبة لتفعيل هذا الحلّ هي رصد 20% من إيرادات النفط والغاز ووضعها في (SPV) Special Purpose Vehicle تُنشأ خصيصاً لهذه الغاية. وبالتحديد، تمثّل الـ SPV شركة مستقلة ، يتمّ بعدها توزيع أوراق مالية (أسهم أو حقوق) على المودعين بحيث تتناسب قيمة الأوراق مع حجم الوديعة لكلّ مودع. إضافةً، يمكن إدراج الأسهم أو أوراق الحقوق الصادرة من الـ SPV على سوق البورصة لكي توفّر السيولة الآنية للمودعين أصحاب الأسهم من جهة، ولكي تساهم في تطوير البورصة وإستقطاب التدفقات الرأسمالة الخارجية من جهة أخرى.