مطلب تسعير فواتير المولدات بالعملة الخضراء، يطرح سلسلة من التساؤلات حول قانونية هذا التدبير أولاً، وثانياً مدى الضرر الذي يلحقه بالمواطن الفقير الذي تأتي فاتورته بملايين الليرات مع تقنين، في ظلّ غياب دولة تحميه وتوفّر له أدنى مقومات الحياة اليومية، بينما تؤكد وزارة الطاقة والمياه، وتحديداً هيئة التشريع والإستشارات فيها لدى تواصل “نداء الوطن” معها، أن هذا التدبير غير قانوني و”تسعير المولّدات الكهربائية بالدولار ممنوع”.
وبالنسبة الى انعكاسات هذا الأمر في حال تم التسعير بالدولار من خلال اتخاذ قرار استثنائي على سبيل المثال، فإن من شأنه الإضرار بالمواطن الذي لن يستطيع ضبط تسعيرة المولد ومعرفة القيمة التقريبية للفاتورة نهاية الشهر بل يعود ذلك الأمر الى تحرّك سعر الصرف، وخصوصاً أنّ بعض أصحاب المولدات الذين يتهربون من تركيب العدادات يعتمد التسعيرة “المقطوعة” في الفوترة.
وفي السياق، أكّد المدير العام السابق للاستثمار في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون لـ”نداء الوطن” حول السير بفوترة المولدات تسعيرتها وفق دولار السوق السوداء، أنه “إجراء غير قانوني، وفي حال تمّ السير بهذا المطلب فإنّ الدولة تكون تشرّع نشاطاً غير شرعي وكأننا اعترفنا به، ما قد يرتّب على قطاع المولدات الخاصة حقوقاً مكتسبة سواءً في مسألة تسيير المرفق عوضاً عن الدولة أو لناحية المطالبة بتعويضات”، مشدداً على أنّ “كل القرارات التي تصدر عن الوزراء بالتسعير بالدولار هي مخالفة للقانون، وكأنهم يحررون التجار من التقيّد بالعملة الوطنية”.
وسأل بيضون: “من يقول إن تسعيرة المولدات بالكيلواط الواحد التي تصدر وقد تصدر بالدولار هي عادلة وصحيحة؟ ومن يعرف التكلفة الحقيقية التي يتكبدها أصحاب المولدات، فالمستخدمون في وزارة الطاقة ليس لهم علاقة بالحسابات ويتبعون للوزير، وقد يشطح قلمهم ويزيدون سعر الكيلواط في التسعيرة التي تصدرعنهم؟ ثم إن تكلفة العناصر التي يتطلبها تشغيل مولد ليست كلها بالدولار، المازوت فقط بالدولار ولكن أجرة العمال ليست بالدولار ولا الأرض المستأجرة وكذلك الأمر بالنسبة الى أجرة الصيانة”.
ولفت الى أنه “حتى تسعيرة “الطاقة” لمؤسسة كهرباء لبنان تمّ رفعها الى 50 سنتاً للكيلواط من تقديرات سابقة بأن تكون 10 سنتات ثم تمت زيادتها الى 27 سنتاً، فتنافس بذلك تسعيرة الـ50 سنتاً تلك التي يتقاضاها أصحاب المولدات”.
وكان تردّد أن كلفة تزويد الكهرباء من خلال مؤسسة الكهرباء بواسطة الفيول والمازوت تقدّر بـ24 سنتاً على الفيول، فسأل بيضون انطلاقاً من ذلك: “كيف سيتم بيع سعر الكيلوواط/ساعة على الغاز (والذي سعره أقلّ بنسبة 40% من الفيول) بسعر أعلى من الفيول وتشغيله بقيمة 50 سنتاً؟” واصفاً الكلام عن تلك التسعيرة بالـ”هذيان”، مشدداً على أنه “لا يمكن للدولة التصرّف كأنها دكّانة تنافس دكّانة أخرى”.
من جهته رأى الخبير الإقتصادي والمالي وليد أبو سليمان في تعليقه لـ”نداء الوطن” أن مطلب أصحاب المولدات “الفوترة” بالعملة الخضراء يأتي بعد إقدام وزارة السياحة على دولرة فواتير المطاعم “في إطار الدولرة الشاملة”، معتبراً أنه في حال وافقت وزارة الطاقة على هذا الأمر سيكون ذلك “بمثابة اعتراف من الدولة اللبنانية بالسوق الموازية خصوصاً وأن وزارة المالية عليها مسؤولية التدقيق في الفواتير لفرض الضرائب المترتبة على صاحب المولد أو التاجر، ومن هنا فإن هذا الإجراء لا يصبّ في مصلحة المواطن، والأجدر بوزارة الطاقة رفع ساعات التغذية بالتيار الكهربائي، ليتقلّص الدور الذي يلعبه اصحاب المولّدات”.
المصدر : نداء الوطن