بعد الاضرابات التحذيرية المتقطعة التي نفذها موظفو إدارات ومؤسسات القطاع العام للمطالبة بتحسين مداخيلهم وتعويض رواتبهم التي فقدت نحو 90% من قيمتها بسبب انهيار الليرة اللبنانية، دخل موظفو وعاملو القطاع العام إضرابا مفتوحا بما أدى الى عرقلة عمل المرافق العامة كافة بما فيها حركة الاستيراد والتصدير وحركة الملاحة الجوية وعمليات الصرف المالي في وزارة المال وغيرها من مفاصل الدولة.
وفيما يقدر عدد العاملين في في الادارات العامة والمؤسسات العامة نحو 300 ألف موظف وعامل والمتقاعدين بنحو 125 متقاعد، مجموع رواتبهم نحو 12 ألف مليار ليرة سنويا، يتخوف البعض من تلبية مطالب القطاع العام مذكرين بالانهيار الذي نتج عن سلسلة الرتب والرواتب. توازيا، تكثر المطالبات من حكومة تصريف الأعمال ومن النواب في هذه المرحلة إتخاذ إجراءات عاجلة تخفف من الإنعكاسات السلبية، عبر إجراءات ضريبية لا تنعكس سلبا على المواطن، ولعل أبرزها موضوع رسوم الطائرات وغيرها من الإجراءات المشابهة، مقابل تأجيل مشروع تعديل سعر الدولار الجمركي، وتاليا تعديل الحد الأدنى للرواتب والأجور ليصبح على الأقل بقيمة 3 ملايين و600 ألف ليرة، وتصحيح رواتب القطاع العام على أساس معادلة قيمة الدولار بسعر 8 آلاف ليرة، وفق ما يقترح الخبير في الشؤون الضريبية جمال القعقور وهذا الأمر لم يعد بالإمكان تجاهله في ظل الإضراب العام لموظفي القطاع العام وآثاره السلبية على مداخيل الدولة.
وفي ظل هذا الواقع وشح الإجراءات العلاجية للأزمات وشح إيرادات الخزينة، لا بد من العمل وبسرعة لتنفيذ إجراءات سريعة تبسلم ولو بالحد الأدنى جراح الوطن والمواطن. فالمطلوب أولا وفق ما قال القعقور لـ”النهار” أن يغير رئيس حكومة تصريف الأعمال النهج الذي يتبعه “فهو لا يعترض مثلا على زيادة رسوم الإتصالات ولا على زيادة أسعار السلع والخدمات نسبة إلى سعر صرف السوق، لكن يده قصيره وعينه بصيرة لجهة حقوق الموظفين والمواطنين حيث لا زيادة في الرواتب والتقديمات نسبة إلى سعر الصرف في السوق. والمطلوب أيضا التعاون بين حكومة تصريف الأعمال والمجلس النيابي لإقرار قوانين معجلة مكررة تتعلق بإيرادات تفيد من تخفيف العبئ المعيشي للمواطن، لأن إقرار بعض القوانين المهمة سيتأخر إذا بقيت ضمن مشروع موازنة العام 2022. وعلى الرئيس ميقاتي أن يتخلّى عن إقرار زيادة الدولار الجمركي نسبة لسعر المنصة، لأن ذلك سينعكس سلبا على حجم الإستيراد وزيادة في أسعار السلع”.
ويقترح سحب مشروع موازنة 2022 وإقرارها عبر قانون معجل مكرر، ومشروع قانون رسوم المطارات (المادة السادسة والثمانون من مشروع موازنة 2022) الذي حدد هذه الرسوم بالدولار الأميركي فيما المفروض أن يحصل بالعملة الأجنبية حصرا، على أن يطبق هذا الرسم على جميع الطائرات التي تصل مطار رفيق الحريري الدولي، وكذلك الرسوم الأرضية لجميع الطائرات الخاصة المحلية والأجنبية. وقد قدرت ايرادات الخزينة من هذا التعديل بنحو 200 مليون دولار سنويا”. ويشير القعقور الى أنه سبق أن ارسل هذا الإقتراح إلى النائبين ملحم خلف وحليمة القعقور، ولكنه لم يجد أي تجاوب أو تحرك من نواب الثورة لتحضير مشروع معجل مكرر لطرحه في أول جلسة تشريعيّة لمجلس النواب”.
وثمة تعديلات ضريبية وردت ضمن مشروع موازنة 2022 يمكن أيضا إقرارها بسرعة ضمن قوانين معجلة مكرره تصحح وتزيد إيرادات الخزينة وتصوب الخلل في بعض الإعفاءات، إذ “من غير المقبول اقرار زيادة الرواتب المصرح عنها للضمان الإجتماعي، وتاليا زيادة قيمة الإشتراكات دون إجراء تعديل في قيمة التعويضات العائلية التي تسدد للزوجة والأولاد التابعين للمضمون، كذلك الأمر بالنسبة للتنزيل العائلي المعفى من الضريبة والشطور الضريبيّة المطلوب تعديلها نسبة لقيمة الحد الأدنى الجديد للأجور”.
وطالب القعقور وزارة المال “تحديد سعر الدولار للبنود الضريبية والإيرادات والمصاريف الأخرى الواردة في مشروع موازنة 2022 لأن الأرقام الحالية لاتعكس حقيقة الأمر وغير واضحة، وتاليا يتم تحديد كلفة الإنفاق والإيرادات بطريقة صحيحة، ويبنى على أساس ذلك الإجراءات والقوانين المطلوب إقرارها عاجلا، وأهمها تصحيح الرواتب والاجور في القطاع العام ، وبالتالي يتم تحديد الكلفة الفعلية لهذا التصحيح والإيرادات الجمركية وغيرها المتوقع تحصيلها لتغطية هذه التكاليف الإضافية، بالاضافة إلى تحديد إجراءات عملية لمكافحة التهريب الأمر الذي سينعكس ايجابا على دخل الخزينة”.
المصدر: Lebeconomy