يُعتبر قطاع الكهرباء واحداً من القطاعات التي لا تزال تعاني حتى اليوم، والدولة غير قادرة على إدارة هذا الملف، الذي كلما تم التعمق به، كلما تم اكتشاف الكثير من الشبهات وملفات الفساد، ما أدى الى تحوّله الى واحد من أكبر ملفات الهدر، فهل يكمن الحل في خصخصة هذا القطاع؟
قبل الدخول في إمكان خصخصة القطاع من عدمه، لا بد من التمييز بين خصخصة قطاع الكهرباء والمنافسة، لأن الخصخصة تعني بيع المؤسسات العامة الى شركات خاصة، في حين أن المنافسة تكون بين القطاعين العام والخاص لتقديم أفضل خدمة للمواطن.
ومن هنا ينطلق المدير العام السابق لوزارة الطاقة والمياه غسان بيضون ليشدد على ضرورة الإتجاه الى التعاون ما بين القطاعين العام والخاص في موضوع الكهرباء، لأن الدولة لا تعمد الى بيع المرافق العامة، في حين أن القانون رقم 462/ 2002 المعني بتنظيم قطاع الكهرباء ينص على تشكيل الهيئة الناظمة المستقلة للقطاع، الأمر الذي لا يزال حتى اليوم مفقوداً، وبالتالي لا وجود لمَن يحدد معايير القطاع وتوجهاته، نظراً لرفض وزراء الطاقة المتعاقبين منذ العام 2002 وحتى اليوم التوقيع على مراسيم هذه الهيئة، على الرغم من أنها واحدة من أبرز شروط المجتمع الدولي وبند أول ضمن البنود الإصلاحية، مؤكداً أنه منذ الطائف وحتى اليوم، لم يتمكن أي وزير طاقة من تأمين الكهرباء للبنانيين، لأن كل مَن تعاقب على هذه الوزارة كان يهدف الإستفادة من هذا القطاع واستثماره من خلال المحاصصة.
واعتبر بيضون في حديث عبر “لبنان 24” أنه، ومنذ تسلّم الوزير جبران باسيل وزارة الطاقة وحتى اليوم، تم اعتماد “الخصخصة” ولكن تحت مسميات عدة وبطريقة مختلفة تماماً عن المتعارف عليه، مشيراً الى أنه وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن مقدمي الخدمات هم جزء من التعاون القائم ما بين القطاعين العام والخاص، كما أن استقدام البواخر هو شكل من أشكال إدخال القطاع الخاص الى مؤسسة كهرباء لبنان، ألا أنها أدت الى خسارة كبيرة في ميزانية الدولة، لافتاً في المقابل الى أنه وفي ظل الأوضاع الحالية في البلاد من الصعب جداً على أي شركة أو مؤسسة الإستثمار في لبنان نظراً للإنهيار الإقتصادي الحاصل في البلاد.
ولكن ماذا عن تجارب الشركات الخاصة التي تؤمن الكهرباء في المناطق؟
على هذا السؤال يلفت بيضون الى أنه، وعلى الرغم من أن عدداً من الشركات مثل كهرباء زحلة وقاديشا وجبيل وغيرها تتمتع بامتيازات كبيرة، الا أن هذا النوع من التعاون ما بين القطاعين العام والخاص يحتمل هامشاً كبيراً من “الأخطاء والغش”، ما يؤكد أن الإمتيازات التي أُعطيت لهذه المؤسسات هي “تجارب غير مشجعة” لأنها تفتقد الى مراقبة الدولة، وقد تجلّى هذا الأمر في المشكلات التي يعاني منها سكان المناطق الخاضعة لهذه الشركات
ومن هنا، يتابع زينا، “خسائر قطاع الكهرباء، كانت تقدر بحوالي 1،5 و 2 مليار دولار سنوياً، وبالتالي فإن تحرير القطاع يزيل العبء عن الدولة من تعويض هذه الخسارة الكبيرة، كما أنها تسمح للشركات بتأمين الكهرباء 24/24 من دون أي عبء على الدولة، مع ارتفاع في نسبة الضرائب التي ستسددها الشركات المشغّلة للدولة.
أما عن السلبيات، فيشير زينا عبر “لبنان 24” الى أن لا سلبيات لتحرير السوق الا على القطاع العام، خصوصاً لناحية الموظفين حيث سيتراجع التوظيف في هذا القطاع، وبالتالي تراجع إيرادات خزينة الدولة، أما في حال الخصخصة فإن السلبيات تكمن في نقل الإحتكار من القطاع العام الى القطاع الخاص.