اعتاد اللبنانيون العيش على وقع الأزمات المتتالية. من الدولار، إلى الدواء، وصولًا إلى أزمة انقطاع المياه والتيار الكهربائي الذي أصبح حلمًا صعب المنال لدى الشّعب اللبناني، والذي يستفيق يوميًا على أخبار انقطاع شامل للكهرباء في البلاد.
في هذا الشأن، أكّدت الخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر في حديث خاص لـ “هنا لبنان” أنه كان من المفترض، في أواخر شهر آب، أن تصل الشحنة الأخيرة من الفيول العراقي وفق الاتفاقية المؤجلة الدفع التي تم توقيعها السنة الماضية، في حين سمعنا الأسبوع الماضي عن تجديد لهذا العقد من دون معرفة الإطار الجديد أي من ناحية الكمية المتاحة أو مدة تجديده، فبدلًا من التوجه نحو عتمة شاملة أواخر شهر آب، سنحافظ مبدئيًا بحسب الكميات المتفق عليها، على الساعة أو الساعتين التي كنا ننعم بها لا أكثر.
إلى ذلك، تؤكد أبي حيدر، أنه منذ توقيع الاتفاق المؤجل مع العراق، لم تقم الحكومة اللبنانية لحينه بأيّ من الإصلاحات التي يفترض بها أن تنفّذها. فهي لم تصحّح التعرفة ولم تعيّن هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء ولم تضع حتى آلية التعيين، لكي تبرهن حسن نيتها أمام المجتمع الدولي من أجل تمكّنها من الحصول على مصادر متعدّدة للطاقة إلى جانب النفط العراقي.
لذلك غياب المبادرات، وعدم تنفيذ البنود الإصلاحية يعني، وبحسب أبي حيدر، أننا عاجزون عن الحصول على الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، لعدم تلقي الدعم المالي اللازم من البنك الدولي.
وتحدثت أبي حيدر لـ “هنا لبنان” عن اتفاقية مؤجلة الدفع مع الجزائر، مشيرةً إلى أنّه أمرٌ غير مؤكّد لتاريخه كوننا نجهل إطار الاتّفاقية وبنودها وكمياتها، وعلى ماذا ستحصل الجهة المانحة في المقابل؟؟
فالحاجة ماسة باتت اليوم إلى الوقود كالفيول والغاز، ولكن أحداً لم يفكّر بموضوع الصيانة والتشغيل التي لم تُخصّص لها أموال.
حالياً المعامل المستخدمة للكهرباء عددها واحد أو اثنين أي معملي دير عمار والزهراني وذلك وفق كميات الفيول التي نحصل عليها أما سائر المعامل فهي شبه متوقفة لعدم توفر الوقود الكافي لتشغيلها.
وبحسب أبي حيدر فإنّ كل الخطط التي وضعتها الوزارة بقيت حبراً على ورق ولم نشهد حتى الساعة أيّ تطوّر جدّيّ في محاولة إخراج هذا القطاع من العتمة والهدر، بالإضافة إلى أنّ الخطط المقترحة لا تناسب وضع لبنان الحالي.
أمّا في ما يخص الطاقة المتجددة، فالدولة شبه غائبة عن الموضوع، ولقد أعطى مجلس الوزراء رخصاً لمناقصات مقدّمة في العام ٢٠١٧ من دون أيّ إطار قانوني لذلك وبالرّغم من عدم قانونيتها فهي غير قابلة للحياة بسبب غياب الفريش دولار لكونها قائمة على عقود بيع وشراء الطاقة مع مؤسسة كهرباء لبنان. وللأسف إنّ قطاع الطاقة المتجدّدة، اتّجه نحو طريق فوضوية وفردية تشكل خطرًا وتشويهًا للبيئة والسلامة العامة لناحية تركيب الطاقة الشمسية.
إذًا، بحسب أبي حيدر، لا حلول من دون الإصلاحات التي أصبحت أمرًا لا بد منه لكي لا نذهب نحو عتمة شاملة. فحتى لو تم تصحيح التعرفة، قد يستغرق الأمر وقتًا طويلًا لإنعاش خزينة مؤسسة كهرباء لبنان. كذلك، عدم تخفيف الهدر غير الفني وعدم رفع نسبة الإنتاج، ينعكس تلقائياً على نسب الجباية التي ستكون منخفضة لأنّ المواطن الذي يتلقّى فقط ساعة أو ساعتين من الكهرباء لن يستطيع إنعاش خزينة مؤسسة كهرباء لبنان بهذه الكمية الضئيلة من التيار التي تُوفّر له. فكان على الدولة اللبنانية أن تبدأ بالإصلاحات منذ عامين، ولكن لا نية أو إرادة سياسية لحلحلة هذه المعضلة الكارثية وذلك يعني بقاء اللبنانيين تحت رحمة احتكار المولّدات الخاصة دون تحديد وقت زمني للبدء بحلحلة هذا الملف الذي لا يستلزم سوى إرادة سياسية لكنها مع الأسف معدومة!!