منذ أن عاد حديث رفع قيمة الدولار الجمركي من جديد إلى الأوساط الحكومية، راود القلق معظم اللبنانيين الذين انعدمت قدرتهم الشرائية بفعل تفاقم الأزمات وتزايدها. مع العلم أن هذا الاجراء لا مفرّ منه لتأمين واردات للدولة تمكنها من رفع رواتب الموظفين من دون المساس بخزينة الدولة وفي الوقت نفسه منع التضخم، الأمر الذي يفترض إقرار هذه الخطوة بشكل مدروس وبعيد عن الارتجال.
لا رقم محدداً بعد لقيمة الدولار الجمركي المنتظر، لكن وفق تصريحات وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، فإن الجو يقول إن السعر سيكون 20 ألف ليرة لكل دولار، وهو “طمأن” خلال مؤتمر صحافي أن أسعار المواد الغذائية لن تتأثر بحكم أنها مستثناة، لكن سلام يعلم أن “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان”.
ستتأثر القدرة الشرائية طبعاً مع رفع الدولار الجمركي رغم الاستثناءات التي لن تطال أي من الكماليات، وستنحصر بالمواد الغذائية فحسب، فكيف ستتأثر القدرة الشرائية للمواطنين الذين لم ترتفع رواتبهم بشكل نسبي مع ارتفاع سعر صرف الدولار في الأسواق السوداء؟
عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي أنيس بو ذياب أشار إلى أن “600 سلعة من المرتقب أن تُستثى من رفع الدولار الجمركي، وبمجملها مواد غذائية، ومن المفترض أن تصدر لائحة نهائية في اليومين المقبلين، وهي لوائح من الضروري تعميمها لضمان الشفافية وتفادي أي عمليات غش واستغلال ورفع أسعار سلع مستثناة من الدولار الجديد”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، رأى بو ذياب أن “القدرة الشرائية للمواطنين ستتأثر بشكل كبير وستتجه نحو مزيد من التقهقر بالنسبة لذوي الدخل المحدود، كما من المرتقب أن يواجه الاقتصاد مرحلةً من الكساد مع تراجع الطلب على الكماليات والسلع الثانوية”.
وعن الراتب المفترض تقاضيه مع ارتفاع هذا الدولار، لفت بو ذياب إلى أن “لا دراسة تحدّد أرقاماً دقيقةً، لكن عائلةً مؤلّفة من 4 أشخاص يجب أن تؤمّن دخلاً قدره 20 مليون ليرة شهرياً من أجل الصمود وتأمين الأساسيات (في حال بقي دولار السوق السوداء على حاله)، ونحن في لجنة المؤشر نحاول قدر الإمكان الدفع باتجاه رفع قيمة الرواتب والحد الأدنى للأجور، لكن من غير المنتظر أن ترفع المؤسسات العامة والخاصة الرواتب إلى حد الـ20 مليون، وهذا محسوم”.
وفي سياق تضارب الصلاحيات بين مجلس النواب ومجلس الوزراء حول قرار رفع قيمة الدولار الجمركي، ذكر بو ذياب أن “الإجراء نقدي بحت وليس مالياً، فقيمة الدولار هي التي تتغير وليس السياسات الضريبية والجمركية بشكل عام، وبالتالي يُمكن لوزارة المالية أن ترفع الدولار الجمركي، ولا حاجة لقانون من مجلس النواب”.
وفي ختام حديثه، شدّد بو ذياب على ضرورة “تفعيل عمل وزارة الاقتصاد والبلديات الرقابي بشكل مكثّف في المرحلة المقبلة، لأن بعض التجار سيستغل رفع الدولار الجمركي لرفع أسعار المواد الموجودة لديه بغية كسب الأرباح، مع العلم أن العديد منهم كانوا قد استوردوا كميات كبيرة من المواد التي ستتأثر برفع الدولار في السابق حتى امتلأت المخازن، وسيبيعونها بأسعار خيالية بعد صدور القرار”.
كما حذّر من منافسة غير شرعية وتهرّب جمركي، وذلك بسبب الحدود “السايبة والفلتانة”.
المصدر : اللواء