لا تزال الساحة السنية في حالة «حراك»، رغم انكفائه في الايام الماضية خلف الاضواء، بعدما ان كان تم تظهيره بلقاءات قام بها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي واكثر من نائب سني، لا سيما مع كل من النواب اشرف ريفي وفؤاد مخزومي مجتمعين، وايهاب مطر منفرداً، وحصيلة هذه اللقاءات صبت في دار الفتوى، واتت لتجدد «البيعة» لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.
وتكشف اوساط سنية واسعة الإطلاع على الحراك الجاري، ان المشاورات الاولية لجمع النواب السنّة تقاطعت في محصلتها على «تفويض» دريان، قيادة هذا التحالف السني وجمع اهل السنّة على كلمة واحدة، حيث لم تنجح الجهود الفردية في تأمين إجماع على تكتل سني واحد، لاسباب شخصية وسياسية وتنافسية. بينما يذهب البعض ووفق الاوساط نفسها الى القول ان عدم تمكن اي نائب او شخصية سنية او مرجعية من جمع كل النواب السنّة في تكتل واحد، يعود الى عدم وجود «كلمة سر» سعودية واميركية بعد.
وتكشف الاوساط ان حراكاً مصرياً – تركياً بدأ في الفترة الاخيرة لملء الفراغ السعودي الميداني، في حين ان سفارتي الرياض وواشنطن في بيروت ليستا بعيدتين عما يجري. فزيارتا السفير السعودي في لبنان وليد البخاري (البخاري التقى المفتي في اكثر من لقاء اخيراً)، والسفيرة الاميركية دوروثي شيا الى دار الفتوى، كانتا لمباركة اي حراك او مبادرة لدار الفتوى في اتجاه جمع «اهل السنّة» وتكتل نوابهم في بوتقة واحدة، لمواجهة «فريق جامد ومتماسك يقوده حزب الله، وحتى لا يُستفرد السنّة من المسيحيين والشيعة في اي استحقاق، اكان حكومياً ورئاسياً».
وتشير الاوساط الى ان الدخول التركي والمصري معاً على خط دعم التكتل نفسه ليس بعيداً عن التنسيق الاميركي- السعودي، اذ يفضل الطرفان، والسعودي خصوصاً، ان يكون دخوله على الساحة اللبنانية كشريك مقرر، وليس طرفاً في الصراع الاميركي – الايراني على الساحات في المنطقة ولبنان خصوصاً.
ويرى السعودي، ووفق الاوساط، ان تقاربه مع الايراني سيمكنه من ان يعود مقرراً على الساحة السنية اللبنانية، كما سيتيح له الاتفاق النووي الايراني والاميركي، استعادة نفوذه المفقود في المنطقة من بوابة اعادة تطبيع العلاقة مع طهران سياسياً وامنياً، والتخلص من العبء اليمني وايقاف الحرب بما يحفظ «ماء وجه» الرياض، مقابل حوافز مالية واقتصادية لطهران وحلفائها ومنهم حزب الله.
وتكشف الاوساط انه في الآونة الاخيرة رُصدت حركة تركية – مصرية مشتركة في بيروت، خصوصاً مع بدء مرحلة جديدة من العلاقات بين انقرة والقاهرة، اذ عمد النظام التركي في الاسابيع الماضية الى التضييق على «اخوان مصر» والمعارضين في تركيا، واجبرهم على الرحيل الى دولة اخرى بطلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كما اجبرهم على بيع ممتلكاتهم وتصفية اشغالهم والرحيل سريعاً.
وتؤكد الاوساط ان الحراك التركي- المصري المشترك، يتلاقى على ضرورة دعم دريان وتلميع «حركته» السياسية والدينية، وتم الايعاز الى مؤسسات اعلامية محددة وصحافيين وسياسيين في جو «الانفتاح» السعودي- التركي – المصري المستجد القيام بذلك، وكذلك الايعاز الى الاسلاميين المتشددين وكُتّابهم منع التعرض للمفتي لا من قريب ولا من بعيد.
كما ينص هذا التوجه، تضيف الاوساط، على استمرار الحملة على حزب الله و»تحييد» الرئيس نبيه بري عن اي تصويب راهناً، والتركيز على العهد والنائب جبران باسيل، وتحميله مسؤولية عدم تشكيل الحكومة، وتأخير محاولة الرئيس ميقاتي الاخيرة ومن بوابة انتظار التسوية الايرانية- الاميركية. اذ يعول باسيل وفق هؤلاء، على هذه الورقة الاخيرة لتعويض «خسائره وخسائر العهد الكارثية»، ووقف «النزيف السياسي» والشعبي له، والخروج اقله بحكومة يكون فيها لباسيل وتياره مكاسب تضمن حضوره السياسي والمعنوي بعد خروج الرئيس ميشال عون من بعبدا بعد اقل من 100 يوم.